ممر ضيق بالكادِ فتح عيناه عندما هب واقفاً في منتصفِ المنزل يفرك جفنيه ويبحث عن الفردة الأخرى لحذاءه بلون التراب ،فتح باب الدار القديم والمتهالك على مصراعيه وأخذ يذرع الشارع بخطوات متثاقلة يغني ويصفق تماماً مثل ما كان يفعل الصبية عندما كان يركض خلفهم بحجر وأحيانا بفردة حذاءه الأثري ،يمشي خطوتين ويكرر ،بو سلوم يا مجنون، بو سلوم يا مجنون ..كانت شوارع الحي خالية على غير العادة ،أربكه ذلك قبل أيام ،فقد اعتاد على الركض خلف الصبية الأشقياء ويتعرف على صوت كل واحد منهم ويعرف اسماءهم ،كان رغم كل ذلك يستمتع بلعبة الوشاية، ينتظر الصبية بفارق الصبح في الممر الضيق الذي يفضي إلى المدرسة ويقول كلام لا يذكره ثم يفتح أذنيه جيداً ليلتقف أصوات الأطفال وهم يردون عليه ثم يخرج فردة الحذاء بحركة آلية ويدخلهم بوابة المدرسة يركضون، وبعد أن حصد عدد جيد من الأسماء يذهب ليطرق الأبواب ويخبر الأهل عن ما قاله الأطفال له،ليملئ معدته من هنا و يحصل على القليل من المالِ من هناك و بعض الفواكة من منزل آخر كتعويض من الأهالي واعتذار للرجل المسكين ،وهذا شأنه عندما يحين موعد خروج الأطفال من المدرسة ،يبح...
ولأن في دواخلنا عوالم غير محدودة..لما لا نحلق معا بحثا عن المعنى وعن الذات في كتاب ما علنا نعثر على شيء ذات ضياع... أنهار