عقدة اللون ،هل ستندثر يوما؟!
إذا ما تحدثنا عن تاريخ وقصص التمييز اللوني والعرقي فلا أظننا سننتهي قريبا ،فبدايته منفلته والنهاية لا أراها تلوح في الأفق للأسف ،فمع هذا الكم من العلم والتطور الإنساني والحضاري ستجد من يلتفت إلى لون بشرتك ليتعامل معك بناء عليها !
رغم ما شهده العالم من كوارث هذا العام بداية من إنتشار وباء كوفيد ١٩ والأزمات الاقتصادية والإنسانية كان من المدهش حقا أن نرى مظاهرات ضد العنصرية في بلد يدّعي الديمقراطية والمساواة مثل أمريكا في مثل هذا الوقت بالذات،فالبرغم من التلاشي التدريجي للتمييز العنصري في أمريكا بشكل خاص والعالم عموما لا تزال نار العنصرية تضرم في نفوس البعض .
ولا يخفي علينا ولا على التاريخ ذلك الثمن الباهظ الذي دُفع ثمن تحقيق المساواة بين الناس بعيداً عن اللون كلا حسب مجاله وأختصاصه بعد ما أصبح الأمر مباح ،وقبل ذلك كان الثمن هو الدم والذل والمزيد من التعذيب ،أما فبعد ما أصبح لكلٍ حقه ،فسترى محاربة العنصرية وكشف القطاء عنها يدخل في كثير من المجالات الفنية والأدبية سواء في العالم العربي أو الغربي ،بداية في الأدب بشكل عام والرواية بشكل خاص فمنهم من عرض الصورة بشكل محايد ،ومنهم من مال بكفته وحارب بكل شهامه مثل الكاتب السوداني الطيب صالح رحمة الله عليه الذي سعى في أعماله الأدبية إلى تذويب الفوارق وإظهار جمال الإختلاف من منظورة فكتب (وجه ناعم السواد مثل المخمل )في ضوء البيت ،(و لون يتوهج كلون المسك)في رواية مريود.
أما في مجال السنما فعدد ولا حرج ،ولكن من الأفلام التي أبهرتني هو فلم(Green book)وهو عمل أمريكي بطابع كلاسيكي حاز على جائزة الأوسكارلأفضل فلم ٢٠١٩ ،والذي تمحورت فكرته حول عقدة اللون فنرى في بداية الفلم رجل أبيض بسيط كان يكره ويشمأز من ذوي البشرة السوداء ومع مرور الوقت اضطر للعمل كسائق ومرافق لدى عازم مشهور أسود البشرة وكان في ذلك الوقت تنتشر أفكار نمطية حول السود في أمريكا عن همجيتهم وحبهم للموسيقى الصاخبه..،ولكن بعد أحتكاك الرجل الأول برب العمل وخلال جولاتهما في أمريكا لإحياء حفلات موسيقية تتبدد تلك الأفكار والخزعبلات التي في رأس الرجل عن السود وينشيء بينهم رابط جعل الرجل يتحول إلى مدافع،هذا الفلم قلب الصورة النمطيه للرجلين فنرى الرجل الأسود شخص راقي ولبق ،مهذب، موهوب .أما الرجل الآخر فنرى في تصرفاته بعض الهمجية، شرة ،ولص،حتى أنه لا يستطيع كتابة رسالة جيدة لزوجته،فهنا نستطيع فهم أنه ليس كل أسود همجي وليس كل أبيض لبق.
وكما نعلم عقده اللون لا تشمل السود فقط ،أذكر جملة قالها لنا معلمنا هندي الجنسية والمناسبة فهو حاصل على درجة دكتوراه في مجاله، أنه عندما كان في أمريكا كان يطلقون عليه الرجل البني،تسائلتُ حينها ما الضير في إستخدام أسم الرجل ؟!
لا أعلم حقيقة لما على البعض تجاهل كل شي ،العقل الأسلوب، الأخلاق ،والتركيز على اللون .ولا أعلم إذا كان سيندثر هذا المرض يوما،المرض الذي يدفع البعض لإذاء أحدهم أو التقليل منه لمجرد إختلافه في اللون!.
تعليقات
إرسال تعليق