اسم الكتاب :دموع الملح
اسم الكاتب بيتروبارتولو. ليديا تيلوتا
ترجمة :محمد أ.جمال من الأنجليزية إلى العربية –ترجمة :تشين-شين
جيانغ من الإطالية إلى الأنجليزية
النوع :سيرة ذاتية
عدد الصفحات: 203
الناشر :منشورات تكوين
"خذ إكليلاً من الورد وألقه في البحر من أجلي
" بعد موت ابيه أخذ الطبيب "بيترو" إكلياً من الورد وفعل ما طلبه الأب
قبل أن يغليق عينه من الدنيا ،وفي نفس
البحر على شواطئ جزيرة "لامبيدوزا " الأوروبية، انتزع الطبيب بيترو الكثيرين
من فك الموت، و خلال 25 عام من العمل كطبيب لمن يصل للجزيرة الصغيرة كان له ذكرى
خاصة لامست قلبه وانسانيته ومنها من صارت مصدر يتقذى عليها الكوابيس . تقع لامبيدوزا
بين افريقيا واروبا وهي جزيرة صغيرة كانت جزء من القارة لأفريقية منذ زمن بعيد
فنفصلت عن القارة وجنحت إلى القارة الأوروبية لتصبح بعد ذلك جزيرة أوروبية يبلغ
مساحتها 20 كيلو مربع وتبعد عن القارة التي انفصلت عنها 110كم وعن جزيرة صقلية 190
كم .جزيرة لامبيدوزا اشبه ما يكون ببوابة الاجئين من قارة افريقيا إلى أوروبا او بنظر المقهورين المعذبين الهاربين
بحثا عن الحياة والكرامة بوابة تفصل بين الحجيم والنعيم _هكذا يكون الطموح قبل انطلاق
الرحلات التي يشرف عليها المهربون من ليبيا إلى اوروبا –أما الواقع وحده يعرفه من
خاض هذا العذاب وتجرعه ،ولأن الكثيرين لا يعلمون ولا يرون قرر بيترو بارتولو أن
يسرد حكايته، وحكايته تعني حكاية جثث مهشمة وحذاء أحمر يطفو بلا صاحب ،حكايات الثكالى
،والأرامل والضائعون التائهون .هنا يقتطع لنا الطبيب شي من ذكرى الأراواح المعذبة
في كتاب "دموع الملح ".
"وعندما تنتهي المياه ،ليس لك إلا شرب بولك
"،هكذا كانت بداياتي مع الكتاب وبعد
قراءة "لا تعتاد أبدا على مهانة قص إصبع أو أذن جثة ،لتحليل شفرتها الجينة
"كان عليّ أن اتحلى بالشجاعة لأكمل الكتاب حتى الدفة الأخيرة . هذا
الكتاب من كل الناس إلى كل الناس ،كل من لفظته الحياة على شاطى جزيرة " لامبيدوزا " حي او ميت او ما
بينهما.وما بينهما الهلع ،السكون التام إثر الصدمة ،والاشيء الذي ابتلع كل احبتهم
وعرى امامهم عبثية الحياة في ثوان . مهمتة الطبيب بيترو لم تقتصر على تطبيب الناس
ولكنه أدى مهمة الحانوتي ،يقطع ،يغسل ،ينظف الجثث يعيد إليها بعض الكرامة بعد ما
فعله بهم البحر وأشياء اخرى قبله ثم يقلق عليهم التوابيت ،لكنم لا بغادرونه وذكراهم
تحوم حول عقله وشبّه هذه الحالة بلوحه غورنيكا لبيكاسو."علينا دوما خلع ملابس
المتوفين وتنظيفهم ،ووضعهم في التوابيت بأفضل شكل ممكن".لم تكن نقطة النهاية
عندما تلفظ الانفاس الأخيرة فيقول الطبيب بكل أسف :"حتى بعد الموت ،تستمر
الإهانة والذل " ،ويعني بذلك اضطراره لطقع شي من الميت للفحص .
"مهما
حميت نفسك بالدروع ،لن تستطبع حماية روحك " ،خلال الرحلة إلى مقبرة البحر
الأبيض المتوسط التي اخذنا إليها الكتاب في 203 صفحة ، يتفهم ويستشعر القارئ كل
ذلك الألم والأذى والسوء الذي اضطر أن يرسل الناس ابنائهم إليه أمل بمستقبل من نوع
ما ،ومقابل كل الأنظمة الجشعة وكل من نام ضميره في سبات من أجل سلطة او مال على
حساب شعب وارواح بالمقابل هناك من نذر الوقت والجهد في سبيل انتزاعهم من حضن البحر
الأبيض المتوسط الذي سلب منهم شي ،إما روح ،كرامة ،عذرية ،حرية ، أو حلم المستقبل
والعودة ذات يوم . قرأت كل مراحل حياة الطبيب ،وهو يحكي عن نفسه وعن الآخرين، وقلت
في نفسي ،إنه لأمر رائع أن يجد الإنسان منا هدفه،رسالته، وغايته في هذه الحياة، قد
يكون ثمن ذلك الراحة ،لكنه ثمن زهيد مقابل روح إنسان ثوان قد تميته او تحييه.تحدث
الطبيب بيترو عن المهاجرين والمآسي التي تحدث لهم بأنصاف حسب رأيي وطرح القضية على أنها مسؤولية الجميع بأعتبارنا
بشر في المقام الأول ،ركز على القضية وذرف
دموعا لأشخاص لا تربطهم به صله وظهر الحزن على وجهه حتى بات كأنه جزء من ملامحه
"نحتاج أن يتأثر الناس ويتحركوا من أجل مأساة المهاجرين ويفهموا أنهم أناس
طيبون ممتنون لأية مساعدة يحصلون عليها ".
الفلم
تم
إنتاج فلم وثائقي في جزير لامبيدوزا
حمل عنوان "حريق في البحر "وقد عرض هذا العمل الكوارث وما يحمل البحر
الأبيض المتوسط إلى لامبيدوزا بلا انقطاع ،كان للطبيب بيترو فضل في أن يرى هذا
الفلم النور حيث أنه استطاع من خلال ما جمعه من صور وقصص للاجئين أن يقنع مخرج
الفلم أن ما يحدث في الجزيرة غير عادي ويجب ان بنقل وأن يتم توثيقه كي لا تنسى تلك
الأرواح وتضيع حكاياتهم وقضيتهم بين صفحان الجرائد اليومية التي ينسي جديدها
قديمها ،وقد ظهر بيترو في الفلم يشرح قصة قارب مليء بأناس احترقت جلودهم اثناء الرحلة
جراء تفاعل البنزين مع مياه البحر وظهر كذلك وهو يفحص امرأة حامل وفي لقطات اخرى ..إن
فلم حريق في لبحر الوثائقي ركز على جانبين و أظهر مسارين ،مسار الحياة العادية في
الجزيرة وكان ذلك مع الطفل لامبيدوزي "صمويل " الذي كان يعيش حياته
العادية كطفل ويتجول هنا وهناك ،والمسار الآخر كان يأخذنا في رحلة حية حقيقية
لمعاناة الاجئين .قال بيترو عن الفلم في كتاب دموع الملح بأنه لم يكن مجرد وثائقي "كان
سردية معقدة ذات وتيرة محسوبة يحكيها صوت هامس له جاذبية وحذق ".كما وصف
الفلم بالرسالة النقية التي توقظ الوعي العام وتفتح عيون الناس .
أنهار
تعليقات
إرسال تعليق